الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية بعد خطاب الرئيس المنصف بن مراد يكتب: نرفض ثلب الرّئيس والخطاب يفـتـقـر للـبعـد الاجتمـاعـــي

نشر في  17 ماي 2017  (12:12)

استمعت لخطاب رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي الأخير وفوجئت بعدم تطرّقه الى المشاكل الاجتماعيّة، فقد أعلن انّ البلاد تمرّ بمرحلة صعبة ثمّ قدّم مقترحين، الأول يتعلق بالمصالحة الماليّة التي يجب تحديد هدفها ووسائلها من قبل مجلس الشعب ثم خلص الى موضوع الإدارة التونسية التي يتعيّن تحريرها من التهديدات حتى تعمل في أحسن الظروف وضرب لذلك مثلا لمسؤول اداري حكم بسنتين سجنا لأنّه نفّذ تعليمات صادرة عن القصر في العهد السّابق، رغم انّه ما من مسؤول كان سيجرؤ على عدم الامتثال للأوامر الرئاسيّة والاّ فصل من مركزه..

لكن لماذا قوبلت هذه المبادرة بالرّفض من بعض الأحزاب أو من بعض الشخصيّات والمواطنين؟ لأنّ الحكومة وخاصّة الرئاسة لم تشرح بما فيه الكفاية هذا المشروع الذي لا يسمح بالافلات من المحاسبة بل يجبر على ارجاع كلّ الأموال المشبوهة بفوائض.. وقد كان على مستشاري الرئاسة ان يخطّطوا لبرنامج اتصالي عوض أن يصرّح أحد المستشارين انّ هناك ما قبل 10ماي وما بعد 10 ماي مشيرا الى أهمّية خطاب السيد الباجي قايد السبسي.. بكلّ صراحة لقد فشلت الرئاسة في سياستها الاتصالية لأنّ الرأي العام كان بحاجة لتقديم واضح لهذا المشروع الذي يجبر على ارجاع كلّ الأموال المنهوبة واستثمارها في الولايات الحدوديّة، لكن عدم حرفية مستشاري قرطاج وتصريحات بعض المعارضين أدّت الى مظاهرات احتجاجيّة..

انّ هذا الفشل الاتصالي أفرز قراءة خاطئة لمشروع المصالحة حتى انّ الخطاب الرئاسي بدا وكأنّه صار خطابا يدافع عن الشركات البترولية ويساند رجال الأعمال الفاسدين ويهدي حصانة للإدارة التي نفذت أوامر الرئاسة قبل 2011 خدمة لمصالح قرطاج الضيّقة..
لنعد الى المظاهرات لنؤكد أننا مع حرية التعبير والحقّ في الدّفاع عن الرأي بطريقة سلمية لأنّ الحكومة غير معصومة من الخطأ ولأنّ الدستور يضمن هذا الحق.
وإذا كان خطاب الرئيس الباجي يتضمّن مبادرة مصالحة يمكن بلورتها أو تنقيحها في مجلس الشعب.. واعتقادي راسخ انّ الخطاب كان منقوصا لأنه لم يعر أهمية للمشاكل التي يعاني منها الشعب التونسي، وبالمناسبة نتساءل لماذا لم يعلن السيد الباجي عن قرارات لتوسيع قائمة المواد الأولية وتجميد أسعارها وبيعها بسعر الشراء والتخفيض في معاليم الستاغ والصوناد بالنسبة لصغار المستهلكين ومراقبة المخازن التي تحتوي على المواد الغذائيّة أو المعدّات الكهرومنزلية بطريقة جدّية حتى يطمئنّ الشعب ولا يشعر انّ رئيس الجمهورية في خدمة الأغنياء فقط.. كما كان على الباجي ان يدعو الى اقصاء الفاسدين من كل الأحزاب أو على الأقل ان يندّد بوجودهم لكن خطاب الرئيس كان خاليا من ايّ اجراء اجتماعي لأنه لا يوجد من بين مستشاري الباجي من يقترح عليه أفكارا ذات علاقة بالمعيشة والخبز ويحذّره من اتخاذ بعض القرارات!

وكالعادة لاحظنا غياب اي قرار لفائدة الثقافة ونسائها ورجالها مما يدلّ على انّ هذين القطاعين الاستراتيجيين غير مهمّين بالنسبة للرئاسة كما انّ الاعلام مازال يغرق وهو مخترق من قبل الفاسدين ورغم ذلك لم يتخذ رئيس الجمهورية ولا رئيس الحكومة أي قرار بشأنهما وقد كان الواجب يقتضي الدّفاع عنهما بطريقة موازية للدّفاع عن كبار المذنبين..
في سياق متصل، نعبّر عن رفضنا المطلق لشتم رئيس الجمهورية واستعمال عبارات سوقية، فالاختلاف في الأفكار وحتى رفضها لا يكون بالتهجّم والكلام المرفوض أخلاقا، علما أنّي من الذين ينتقدون رئيس الدولة ويحاولون اطلاعه على الحقائق في أغلب كتاباتي. نحن ضدّ هذا السلوك وضدّ اندساس وجوه من المتطرّفين في مظاهرة يوم السبت الفارط ولكن ذلك لا ينفي وجود مطالب اجتماعية ملحّة تغافل عنها الرئيس ولم يكترث بها يوسف الشاهد بما فيه الكفاية.. فحتى ان كانت المواضيع الاجتماعيّة والمشاكل الاقتصادية من مسؤوليات «القصبة» فقط فقد كان من الأفضل ان يعلن رئيس الجمهورية عن قرارات في هذا الاتجاه لا سيما ونحن على أبواب شهر رمضان المعظم والطبقات الوسطى والفقيرة تشعر أنّها في طريق مسدود.